الجوهرة السياحية في قلب الصحراء: الحرم المقدس للقديسة كاترين في سيناء

ADVERTISEMENT

إن مدينة سانت كاترين الخلابة في سيناء على وشك التحول الكبير مع مشروع "التجلي الأعظم" الطموح في مصر. حيث يهدف المشروع إلى تعزيز مكانتها كوجهة سياحية عالمية، ويتضمن إضافة 1000 غرفة وشقة فندقية جديدة، تديرها علامات تجارية عالمية ، ومن المتوقع أن يُنعش المشهد الثقافي والاقتصادي للمنطقة. تقع سانت كاترين وسط جبال جنوب سيناء الشامخة، وهي موقع ذو أهمية تاريخية وروحية عميقة. و يشتهر هذا الموقع بكونه مُدرج على قائمة اليونسكو للتراث العالمي. لا يعد دير سانت كاترين مجرد مزار ديني بل هو ملاذ للمغامرين والباحثين عن الروحانية والباحثين عن الهدوء. إن النسيج الغني للمنطقة من تاريخ وروحانية إلى جانب سحرها الطبيعي الآخاذ يشكلان نقطة جذب للسياح من جميع أنحاء العالم.

صورة بواسطة Berthold Werner على wikipedia
ADVERTISEMENT

مشروع التجلي الأعظم: سياحة مستدامة في مهد التاريخ

يسعى مشروع "التجلي الأعظم" الذي تبلغ كلفته حوالي 296 مليون دولار أميركي إلى إعادة تعريف الإمكانات السياحية لسانت كاترين بما يتجاوز أهميتها التاريخية والدينية. تشمل أبرز معالم المشروع: مركز مؤتمرات فريد محفور في الجبال، ومركز زوار مبتكر تحت الأرض مصمم ليندمج بسلاسة مع محيطه الطبيعي. ويؤكد مستشفى للطب العشبي، تم تطويره بالتعاون مع سكان الدير المحليين، على الالتزام بالتنمية المستدامة التي تركز على المجتمع. تهدف هذه المبادرة الشاملة إلى جذب أكثر من مليون سائح سنويًا. من خلال توفير مجموعة متنوعة من أماكن الإقامة والتجارب. ويُعد تحويل سانت كاترين إلى مركز سياحي عالمي المستوى شهادةً على التزام مصر بالحفاظ على تراثها الثقافي الغني وتعزيزه، مع تعزيز النمو الاقتصادي. لا يقتصر مشروع "التجلي الأعظم" على بناء الفنادق فحسب؛ بل يهدف أيضًا إلى تعزيز علاقة تكافلية بين التراث والحداثة، مقدمًا تجربة لا تُنسى لكل من المسافر الفضولي والحاج المخلص

ADVERTISEMENT

منطقة سانت كاترين

يقع دير سانت كاترين الأرثوذكسي عند سفح جبل حوريب، حيث ورد في العهد القديم أن موسى تلقى ألواح الشريعة. يُعرف هذا الجبل ويُبجله المسلمون باسم جبل موسى. المنطقة بأكملها مقدسة لدى ثلاث ديانات عالمية: المسيحية والإسلام واليهودية. يُعد الدير، الذي تأسس في القرن السادس، أقدم دير مسيحي لا يزال مستخدمًا لأداء وظيفته الأصلية. تُعد جدرانه ومبانيه ذات أهمية كبيرة لدراسات العمارة البيزنطية، ويضم الدير مجموعات رائعة من المخطوطات والأيقونات المسيحية المبكرة. تُشكل المناظر الطبيعية الجبلية الوعرة، التي تضم العديد من المواقع والمعالم الأثرية والدينية، خلفية مثالية للدير. على طول طريق موسى (سكة سيدنا موسى)، المؤدي إلى قمة جبل موسى، يوجد قوسان، باب استفانوس وباب الشريعة وبقايا مصليات، بينما تُعد القمة المقدسة نفسها موقعًا أثريًا مهمًا يضم مسجدًا ومصلى.

ADVERTISEMENT
صورة بواسطة Dale Gillard على wikipedia

يُعد دير سانت كاترين أحد أقدم الأديرة البارزة في العالم، وقد حافظ على وظيفته الرهبانية دون انقطاع منذ تأسيسه في القرن السادس. تحمي الأسوار البيزنطية مجموعة من المباني ذات الأهمية الكبيرة لدراسة العمارة البيزنطية كما يحتوي المجمع على بعض الأمثلة الاستثنائية للفن البيزنطي ويضم مجموعات رائعة من المخطوطات والأيقونات. يُظهر موقعه محاولةً مدروسةً لإقامة رابطٍ وثيق بين جمال الطبيعة وعزلتها من جهة، والالتزام الروحي الإنساني من جهةٍ أخرى. يعد الدير أحد أقدم الأمثلة البارزة في التقاليد الشرقية على مستوطنة رهبانية مسيحية تقع في منطقة نائية مايظهر علاقة وثيقة بين عظمة الطبيعة والالتزام الروحي

السلامة

حدود العقار واسعة بما يكفي لاحتواء سمات القيمة العالمية الاستثنائية. وقد تم الحفاظ على سلامة العقار والمناظر الطبيعية المحيطة به إلى حد كبير كما تم الحفاظ على هذه السلامة من خلال الصيانة الدقيقة للمباني، بطابعها الرهباني والصحراوي الذي يسمح لها بنقل شعور بالاحترام والتقوى. إنها تُمثل كلاً متناغمًا يجلب الإلهام وسكينة القلب للحجاج والزوار على حد سواء. ومع ذلك، فإن هذه الظروف معرضة للخطر بسبب العدد الكبير من السياح ذوي النوايا الحسنة الذين لا يهددون سلامها فحسب، بل يُخشى أيضًا أن يُهددوا هويتها. تُشكل الانهيارات الصخرية خطرًا يستدعي التعامل معه نظرًا لمشي الناس المتواصل، وهطول الأمطار، وذوبان الثلوج في الشتاء، بالإضافة إلى الزلازل الطفيفة التي تحدث من حين لآخر. كما تُعدّ الفيضانات المفاجئة، التي تحدث مرة واحدة كل قرن، من المخاطر المحتملة. أما السمة المتناقضة الوحيدة فهي مدينة سانت كاترين، التي أُنشئت كمركز للهيئات الحكومية، وكذلك للسياحة المتنامية في المنطقة. ظل الدير لمئات السنين معزولًا نسبيًا عن العالم. وبفضل تاريخه العريق، خضع الدير لعدد من التعديلات على مدى خمسة عشر قرنًا. وقد احتفظ بشكله وتصميمه العام إلى حد كبير، بالإضافة إلى روحه بفضل استمرار استخدامه ووظيفته. ولا يزال موقعه وبيئته أصيلة تمامًا.

ADVERTISEMENT
صورة بواسطة Gan-Shmuel archive على wikipedia

متطلبات الحماية والإدارة

تشغل منطقة سانت كاترين مساحة 60,100 هكتار، بما في ذلك محمية طبيعية، وشكلت المحمية الطبيعية 4,300 كيلومتر مربع من إجمالي مساحة العقار وقد تم اختيارها لغناها بالنباتات المتوطنة والحياة البرية الوفيرة، وخصوبة أراضيها الزراعية، وكثرة سكانها البدو، وأهميتها للديانات السماوية الثلاث. تقع محمية سانت كاترين على بُعد 15 كيلومترًا جنوب مدينة سانت كاترين، وهي مسؤولة عن الحفاظ على المناظر الطبيعية ومكوناتها الحيوية وإدارتها، بالإضافة إلى بعض الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية المتعلقة بالتنمية المستدامة للمجتمع. يُقيّم كلٌّ من سلطات الدير والمجلس الأعلى للآثار المصري أيَّ تدخلٍ لصيانة المباني بعنايةٍ بالغة. ويُمنع أيُّ شيءٍ قد يُهدّد ولو قليلاً بالتشويه للطابع الأصلي للمباني. وُضِعَتْ في عام 2020 خطةٌ رئيسيةٌ لمدينة سانت كاترين، بهدف حماية طابعها الخاص، وقد نُفِّذَت العديد من عناصرها بالفعل. وتُبذل جهودٌ للحفاظ على الموقع لمنع انزلاق الصخور من جوانب الجبال المحيطة إلى مباني الدير، ولإصلاح جدران الحماية الهشة. علاوةً على ذلك، وُضِعَ مسارٌ جديدٌ لدخول الزوار إلى الدير، من خلال مدخلٍ جديدٍ في جدارٍ جانبي، لإدارةٍ أفضل لآثار الزيارة، وخاصةً للكنيسة الرئيسية وأيقوناتها، بسبب الازدحام. يجري حاليًا بناء متحف داخلي داخل الدير، مما يُتيح حفظًا أفضل لهذه القطع القيّمة، ويتيح للجمهور الاستمتاع بها وتقديرها.

أكثر المقالات

toTop