جيش تيراكوتا..ثامن عجائب العالم على أرض الصين

ADVERTISEMENT

يحتوي تاريخ الصين على العديد من الأحداث والشخصيّات التاريخيّة المثيرة للفضول، منها ما قد وصلنا عن طريق الكتب والمخطوطات التاريخيّة ومنها ما لم يتم اكتشافه بعد. لعلّ أحد أهمّ تلك الشخصيّات الصينيّة التاريخيّة الشهيرة هي شخصيّة الملك الأسطوريّ الذي سمّيت الصين باسمه..الملك "تشين"، ذلك الملك الذي شيّد ثامن عجائب العالم وأكثرها غموضًا تحت الأرض... جيش تيراكوتا.

عرض النقاط الرئيسية

  • الإمبراطور تشين، أول إمبراطور موحد للصين، أسس سلالة تشين وقضى على الحروب الداخلية بين الولايات السبع الصينية.
  • عُرف تشين بحنكته الإدارية والعسكرية، حيث فرض نظام حكم مركزي صارم وقسّم دولته إلى 36 ولاية لتنظيم السلطة.
  • كانت لديه سياسة خارجية توسعية ونجح في توصيل أجزاء سور الصين لتشكيل بداية السور العظيم الذي نعرفه اليوم.
  • ADVERTISEMENT
  • هوسه بفكرة الخلود دفعه إلى تناول الزئبق ظنًّا منه أنه سر البقاء الأبدي، مما تسبّب له بأعراض التسمم التي أدت إلى وفاته.
  • مقبرة تشين المذهلة، التي اكتشفت عام 1974، تحتوي على جيش تيراكوتا المكوّن من آلاف التماثيل الطينية الفريدة التي تمثل جنودًا بأشكال مختلفة.
  • أظهرت التحف التي عُثر عليها تقدمًا مذهلًا في فنون الطلاء، بما في ذلك اكتشاف الأرجواني الصيني، وهو لون كيميائي غير طبيعي تم تركيبه في ذلك الزمن.
  • ضريح تشين يُعتقد أنه نسخة مصغّرة من إمبراطوريته، يحتوي على أنهار وبحيرات من الزئبق وغرف دفن محاطة بجيش ضخم من التماثيل، ما يزيد من غموض المكان وتراث الإمبراطور.

من هو صاحب جيش تيراكوتا ؟

صورة من unsplash

تحكي كتب التاريخ عن ذلك الملك صاحب جيش تيراكوتا أنه ولد في فبراير عام 259 قبل الميلاد، وهو مؤسّس سلالة تشين الملكيّة في الصين وأوّل إمبراطورٍ للصين الموحّدة. حكم ولاية تشين كملكٍ منذ عام 246 ق.م وحتى 221 ق.م ثم أعلن نفسه امبراطورًا لامبراطوريّة الصين من عام 221 ق.م إلى عام 210 ق.م، أي أنّه حكم الصين الموحّدة قرابة الأحد عشر عامًا، لم يكن أحدٌ قبله قد سمّى نفسه امبراطورًا، فهو أوّل امبراطورٍ معروفٍ، أما من سبقوه فقد كانوا ملوكًا ولم يحكم أحدهم الصين كاملةً، لذا فهو الموحّد الحقيقيّ للصين بعد أن أنهى النزاعات والحروب الداخليّة بين الولايات الصينية السبعة تحت مسمى "حروب تشين التوحيديّة"، وهذا إنجازٌ كبيرٌ لم ينجح في تحقيقه أيّ ملكٍ قبله، لذا فقد أطلق على نفسه اسم "تشين شي هوانج" والذي يعني امبراطور الصين العظيم، وهو يستحقّه عن جدارةٍ، فما فعله لم يكن هيّنًا أبدًا أو سهلًا، فالولايات الصينيّة حينها كانت بمثابة دولٍ وكان لكلّ ولايةٍ جيشها الخاصّ.

ADVERTISEMENT

ما قبل تيراكوتا

صورة من wikimedia

لم تكن الصين قبل الامبراطور "تشين" كما نعرفها الآن، فقد كانت في حالة نزاعاتٍ مستمرّةٍ بين الولايات السبعة إلا أن ولاية تشين قد تميّزت بأنّها أوّل من تبنّت فلسفة المبادئ السلوكيّة الضروريّة والتي جعلت مملكة تشين أقوى وأكثر تماسكًا وأسرع تطوّرًا من نظيراتها الستّة الأخريات لما حقّقه ذلك الملك من سيطرةٍ على زمام الأمور في وقتٍ قصيرٍ، فقد قام بسنّ القوانين الملزمة وجمع الإقطاعيّين والأغنياء في مركز العاصمة حتّى يكونوا تحت أعينه ولا يمكنهم التمرّد عليه بسهولةٍ، كما أنّه كان حازمًا في تنفيذ قوانين الدولة وبرع في الحكم من الناحية الإداريّة والعسكريّة، كما قسّم دولته إلى 36 ولايةً وجعل لكلّ ولايةٍ منها حاكمًا مدنيًّا وجيشًا، وعيّن لكلّ جيشٍ قائدًا وجعل المناصب بالتعيين وليس بالوراثة، كما أنّه عيّن مستشارًا لكلّ ولايةٍ ليوازن بين الحكم المدنيّ والعسكريّ لكلّ ولايةٍ حتى لا ينفرد أحدهما بالسلطة.

صورةٌ تخيّليّةٌ للامبراطور "تشين" (المصدر)

اتّخذ الامبراطور "تشين" سياسةً خارجيّةً توسّعيّةً ساعدته على توحيد جميع المقاطعات المجاورة له بشكلٍ منتظمٍ ومنهجيٍّ، في خلال حملاته التوسّعيّة الدائمة نحو الشمال قام بالحفاظ على علاقاتٍ وثيقةٍ مع جيرانه، ثم قام بتوصيل الأجزاء المنفصلة من الأسوار الواقعة في الجزء الشماليّ من الصين حتّى أصبحت ما نعرفه الآن بسور الصين العظيم، وللحفاظ على جيشه الجرّار كان يفرض ضرائب مرتفعةً على الشعب لذا كان الوضع صعبًا، حاول البعض التخلّص منه لكن لم يفلح أحدٌ في ذلك.

ADVERTISEMENT

الامبراطور والزئبق

صورة من unsplash

كان الامبراطور "تشين" يفكّر كثيرًا في الموت، وقرّر أن يرسل بعثاتٍ علميّةٍ واستكشافيّةٍ للبحث عن إكسير الحياة واستشار العديد من الفلاسفة والعلماء وحتّى المشعوذين كان لهم نصيبٌ من ذلك الإصرار على هزيمة الموت بأيّ ثمنٍ.

لا نعلم بالضبط كيف استطاع أحد مستشاريه أو علمائه بإقناعه بأنّ الزئبق هو المادّة التي ستجعله يعيش للأبد فأصبح مهووسًا بجمع الزئبق وتناوله بكمّيّاتٍ كبيرةٍ، وبعد مرور 4 سنواتٍ من تناوله أصيب بأعراضٍ ذُهانيّةٍ والتي تمثّل أعراض التسمّم بالزئبق وأصبح يشكّ في كلّ المقرّبين له، وتُوفّي في آخر الأمر على فراشه وسط جيشه رغم كلّ محاولات التخلّص منه.

سرّ شهرة ملك جيش تيراكوتا

صورة من unsplash

تكمن شهرة ذلك الامبراطور الصينيّ في تلك المقبرة الأسطوريّة العجيبة وجيشها الطينيّ تيراكوتا الذي تركه لنا ليكون شاهدًا على عظمة تلك الفترة من تاريخ الصين، فقد احتوى ضريح الامبراطور "تشين" على 8000 تمثالٍ مصنوعٍ بدقّةٍ وحرفيّةٍ عاليةٍ تمثّل جنود جيش تيراكوتا وأحصنةً وبقرًا وحيواناتٍ وطيورًا، كما أنّه تمّ العثور فيها على عرباتٍ للأحصنة مصنوعةٍ من النحاس والبرونز وفيها أكبر عرباتٍ للخيل تمّ العثور عليها في حالةٍ سليمةٍ بالكامل في تلك المقبرة. يقال أنه قد سخّر أكثر من 700 ألف سجينٍ في العمل لبناء تلك المقبرة لمدة 38 عامًا بدأت عام 246 ق.م منذ بداية تولّيه العرش وانتهوا منها في عام 208 ق.م.

ADVERTISEMENT

موقع تيراكوتا السحريّ

صورة من unsplash

تقع تلك المقبرة الغامضة التي تحتوي على جيش تيراكوتا الأسطوريّ على بعد 30 كيلومترًا شرقيّ "شيان"، عند السفح الشماليّ لجبل "ليشان"، ويحدّها من الشمال نهر "ويشوي"، و يصل ارتفاع المقبرة إلى 115 مترًا وتبلغ مساحتها 250 ألف مترٍ مربّعٍ، كما أنّ تلك المقبرة تقبع بين مرتفعاتٍ شاهقةٍ في منظرٍ أقرب إلى الخيال، وتغطّيها الأشجار من فوقها بالكامل مما يعطيها هالةً من الغموض قبل حتّى أن تدخل إليها. وظلّت تلك المقبرة في طيّ النسيان مئات السنين حتى تمّ اكتشافها سنة 1974م بالصدفة عندما كان بعض الفلّاحين يحفرون بئرًا واصطدموا بقطعٍ من الفخّار، كما عثروا على رأس محاربٍ من الطين المحروق من جيش تيراكوتا، ثم جاء علماء آثارٍ إلى المنطقة وأصيب العالم بالذهول مما وجدوه فيها من كنوزٍ وفنٍّ، على سبيل المثال، عندما قامو بإخراج أحد تماثيل جيش تيراكوتا الطينيّة وجدوا أنّها تركت أثرًا برّاقًا في التربة من الأحمر والورديّ والأزرق والأخضر.

اكتشاف أوّل ألوانٍ كيميائيّةٍ في العالم

صورة من unsplash

ليس هذا الأمر هو المثير فحسب، فقد وجدوا بقايا للّون الأرجوانيّ والذي لم يكن موجودًا بأيّ شكلٍ في الطبيعة ولايمكن تكوينه إلّا بتفاعلٍ كيميائيٍّ معيّنٍ، وكان هذا أمرًا مدهشًا أن تكون الصين اكتشفت التكوين الكيميائيّ للألوان في هذا الزمن السحيق.

ADVERTISEMENT

بناء تيراكوتا

صورة من unsplash

كان هدف الامبراطور "تشين" في أوّل الأمر أن يصنع نموذجًا مصغّرًا من امبراطوريّة الصين تحت الأرض، حيث أنّه كان مولعًا بفكرة الخلود وكان يظنّ أنّ الزئبق له أثرٌ في إطالة العمر أو الحياة بعد الموت بشكلٍ ما، فقام بصنع أنهارٍ وبحارٍ من الزئبق في مقبرته الأسطوريّة التي كانت نسخةً صغيرةً من امبراطوريّته بكلّ تضاريسها وتوجد حجرة دفنه في مركز الضريح، ويحيط به حرس الامبراطور الخاصّ به، يقال أن كلّ تمثالٍ يمثّل شخصًا مستقلًّا بذاته من الحرس الامبراطوريّ وأنّه لا يوجد تمثالين متشابهين، وهذا شيءٌ يدهو للدهشة خصوصًا عند معرفة العدد الضخم من الحرس الامبراطوريّ الذي بلغ 6000 جنديٍّ، وأُطلِق على ذلك الجيش اسم "جيش تيراكوتا"، والذي يعني جيش الطين.

مازالت هناك الكثير من الأمور الغامضة حول تلك المقبرة الأسطوريّة وجيش تيراكوتا وذلك الامبراطور الذي ترك وراءه العديد من التساؤلات وأثار فضول الكثيرين لمعرفة ما إذا كان الامبراطور "تشين" حقًّا يشرب الزئبق أم أنّه استخدم الزئبق في أمر اخر لم نستطع التوصّل إليه بعد.

أكثر المقالات

  • استكشاف المناظر الطبيعية الجميلة لحديقة شلال إيلا الوطنية: وهي مكان ستسافر فيه تايلند

    حديقة شلال إيلا الوطنية في تايلند واحة طبيعية مذهلة بمناظرها الخلابة وشلالاتها المتنوعة، وتعد ملاذًا لمحبي المغامرة والطبيعة. يمكنك الاستمتاع بالمشي وسط الغابات، مشاهدة الحيوانات البرية، أو الاسترخاء قرب الشلالات الساحرة مثل شلال هوا ماي داوالاد الذي يصل ارتفاعه 70 متراً.مزيد
  • اليوغا ليست مجرد تمرين  —  إنها طريق لتحقيق الذات

    اليوغا ليست مجرد تمارين جسدية، بل طريق متكامل نحو اكتشاف الذات. من خلال التنفس، التأمل، الأخلاقيات، والمعرفة، تساعد اليوغا على تنقية الجسد والعقل، وتجاوز الأنا، وعيش السلام الداخلي، وصولاً إلى تجربة وحدة عميقة مع الكون.مزيد
  • دريسدن: جوهرة ألمانيا الثقافية والأعجوبة المعمارية

    دريسدن، مدينة ألمانية ساحرة تمتاز بتاريخها العريق وفنها الراقي، تزخر بالمعالم الثقافية والعمارة الفريدة. من قصر زوينجر وكنيسة فراونكيرشه إلى الأوبرا والحدائق الغنّاء، تقدم تجربة تجمع بين الجمال والتاريخ، مما يجعل زيارتها تجربة لا تُنسى لعشاق الثقافة والفن.مزيد
  • ADVERTISEMENT
  • زيارة سياتل: من أسواق بايك بليس إلى برج إبرة الفضاء

    سياتل مدينة ساحرة تدمج بين الطبيعة والتكنولوجيا، وتزخر بأسواق نابضة بالحياة كـ "بايك بليس"، وبرج "إبرة الفضاء" بإطلالته الخلابة. تجربة القهوة في ستاربكس الأصلي والتجول وسط الفن والثقافة تجعل من زيارتها رحلة لا تُنسى لعشاق المغامرة والتنوع.مزيد
  • تجربة وصفات مجنونة للشافل(كعكات وافل صغيرة) من التيكتوك!

    الشافل هو ابتكار لذيذ وسريع يمزج بين سهولة التحضير وتنوع النكهات، سواء كان بالجبن، البيتزا، البروكلي أو حتى بالشوكولاتة والقرفة. وصفاته تجمع بين البساطة والتميز، ما يجعله خيارًا مثاليًا لأي وجبة أو حلوى خفيفة ترضي كل الأذواق.مزيد
  • الجاذبية الغنية للتوت الأزرق والشوكولاتة: دليل محبي الحلوى

    تتميز توليفة الشوكولاتة والتوت الأزرق بمذاقها الغني والمنعش، مما يمنح عشّاق الحلوى تجربة لا تُنسى. يمكن الاستمتاع بها بوصفات سهلة أو كهدايا فاخرة، فهي تجمع بين اللذة والفائدة الصحية بطريقة ممتعة وأنيقة.مزيد
  • ارسم 4 خطوط و6 خطوط و8 خطوط فقط: لغز رياضيّ ومنطقيّ

    حلّ الألغاز مش بس ترفيه؛ هو تدريب ممتاز للدماغ. من تعزيز الذاكرة والتركيز، إلى تطوير التفكير المنطقي والإبداعي، الألغاز تخلينا نفكر بذكاء ونواجه التحديات بثقة. والأجمل؟ كل هذا بيصير وإحنا مستمتعين!مزيد
  • فن الجلوس المفقود: رحلة إلى ما وراء الدنيوية

    في زمنٍ تطغى فيه الشاشات والسرعة، يُصبح الجلوس أكثر من مجرد وضع جسدي؛ إنه لحظة تأمل واتصال بالذات. فلنُعيد لهذا الفن المفقود قيمته من خلال الجلوس بيقظة، والاستمتاع بالصمت، والطبيعة، وتقدير كل لحظة نجلس فيها بوعي وامتنان.مزيد
  • ADVERTISEMENT
  • 8 أشياء محظوظة للقيام بها للعام الصيني الجديد

    لجذب الحظ في السنة الصينية الجديدة، نظّف منزلك قبل اليوم الأول، زيّنه بالألوان الحمراء والذهبية، وارتدِ ملابس جديدة بألوان مشرقة. اجتمع بعائلتك، تناول أطعمة محظوظة، وامنح "هونغباو" بالأرقام السعيدة. حافظ على الطاقة الإيجابية بكلمات وأشياء جميلة، وابدأ عامك بأمل وسعادة.مزيد
  • التاريخ الغير المروي لعيدان تناول الطعام

    بدأت عيدان تناول الطعام كأداة بسيطة في الصين قبل 5000 عام وتحولت لاحقًا لأداة رئيسية في المطبخ الآسيوي، مدفوعة بالإبداع في الطهي والموارد المحدودة. لكل دولة لمستها الخاصة، وترافقها أساطير مثيرة وتصاميم فاخرة، ويُقال إنها تحفّز الذاكرة وتستدعي المهارة والصبر.مزيد
toTop