في شمال غرب المغرب تقع مدينة في قلب الجبال، اشتهرت بأولان شوراعها وجدرانها الزرقاء، إنها مدينة شفشاون، ذات المسحة الزرقاء ومنازلها المتراصّة بإحكام، والتي تحتضنها جبال شمال غرب المغرب، إنها حقًا مدينة لا مثيل لها على وجه الأرض. إذا تجوّلت في متاهات المدينة اللامعة في "شاون"، كما يطلق عليها السكان المحليون، ستجد نفسك تسلك طرقًا وشوارع ضيقةً شديدة الانحدار صعودًا وهبوطًا، وغالبًا ما تمر بأسواقٍ على طراز البازارات السياحية تبيع السجاد المحلي أو الجلد، وفي الأفق ترى أسطح بيوتها البيضاء والعديد من المآذن على مد البصر.
تقع شفشاون في قلب سفوح جبال الريف على ارتفاع 600 متر، وخلفها جبل القلاع (بارتفاع 1616 مترًا) وجبل تسوكة (بارتفاع 2118 مترًا) أيضًا. على الرغم من المناطق الجبلية المحيطة، إلا أنها ليست أراضٍ جافةً ولا قاحلةً.
هناك ما يقرب من 300000 فدان من الغابات تستغرق ساعتين لتمر خلالها بالسيارة إلى شفشاون، وتعتبر المنطقة واحدة من أغنى المناطق في المغرب لتنوّعها البيولوجي ويظهر ذلك التنوع جليًّا في المنتزه الوطني "تلاسمطان"، حيث تجد ثعالب الماء وقرود المكاك ومئات الطيور التي تعيش بين الوديان الضيقة والمنحدرات الوعرة والمساحات الخضراء المبهجة لأشجار الأرز والصنوبر.
لم تكن خصوبة أرض شفشفاون التي تسببت في تأسيس تلك المدينة الرائعة، بل هجوم من قبل القوات البرتغالية تحت قيادة الملك ألفونسو الخامس الذي أدى إلى تأسيس شفشاون في عام 1471. كانت المنطقة مأهولة قبل ذلك بالطبع، لكن بعد الهجوم البرتغالي بدأ بناء قلعة شفشاون وارتفعت أسوارها وازدهرت كمدينة أوسع وازدادت أهميتها، حيث استقر كل من غمراس (مجموعة من القبائل المغربية الشمالية) وموريسكس (سكان الأندلس المسلمين الذين طُردوا من الأندلس) واليهود الذين فروا بأرواحهم من إسبانيا والبرتغال.
ومع أفول نجم البرتغاليين وتضاؤل خطرهم ببطء، بدأت مدينة "شفشاون" في التمدد حول القلعة القديمة، وازدهرت المدينة على طريق فاس تطوان التجاري، حيث زاد عدد السكان مع وصول المزيد من اللاجئين المسلمين واليهود، هربًا من محاكم التفتيش الإسبانية. بسبب هذا التهديد من البرتغاليين، كانت المدينة مدينة مغلقة أمام المسيحيين ومعظم الأوروبيين بسبب ما عانوه منهم حتى أوائل القرن العشرين.
في الواقع، لا يوجد سوى ثلاثة مسافرين أوروبيين قاموا بالتسلل إلى المدينة قبل أن تصبح متاحة للأوروبيين. الأول كان المستكشف الفرنسي "شارل فوكولد" في عام 1883، الذي تمكن من دخول شفشاون حيث يتظاهر بأنه حاخام. والمحاولة الثانية كانت عن طريق الصحفي الإنجليزي "والتر هاريس"، الذي تنكر في عام 1889 في زي تاجر مغربي من فاس، وركب على حمار من طنجة، وكتب لاحقًا أنه "من المستحيل تمامًا أن يزور المسيحي المدينة". اما المحاولة الثالثة فكانت عن طريق مبشّرٍ مسيحي يُدعى "ويليام سمر" والذي مات مسمومًا وأثبت صحة رأي "هاريس".
ليس من المرجّح أن يكون أي من هؤلاء المتسللين قد رأى شوارع شفشاون الزرقاء كما هي اليوم. ذلك لأن الشوارع لم تكن زرقاء في تلك المرحلة، حيث لم يتم فتح أبواب المدينة لأي شخص حتى احتل الإسبان شفشاون في عام 1920 – وتبع ذلك اللون الأزرق، والسبب الأكثر شيوعًا للون الأزرق هو أنه بعد الحرب العالمية الثانية ازدهرت الجالية اليهودية في المنطقة مع فرار الناس من الاضطهاد النازي، وتم طلاء اللون الأزرق على الجدران والأرضيات والخطوات كممارسة دينية، لتمثيل لون السماء وربط المدينة بالسماء والله. كانت أجزاء أخرى من المدينة لا تزال بيضاء حتى حوالي 40 عامًا - عندما حذت بقية المدينة حذوها، على الأرجح لأغراض جمالية أو سياحية.
هناك آراءٌ أخرى تقول أن جدران شفشاون تم دهنها باللون الأزرق لإبعاد البعوض أو تقليل الحرارة في الصيف. بغض النظر عن سبب اللون الأزرق، فمن المحتمل أن السياحة الآن هي التي تحافظ على طلاء الجدران باللون الأزرق بانتظام مرتين كل عام، أيًّا كان فإن ذلك يجعل من شفشاون حلمًا مصورًا، ومن الرائع التجول بين طرقها وحورايها الضيقة.
يمكن الوصول إلى شفشاون بسهولة بالحافلة من طنجة أو الدار البيضاء أو فاس (حيث أن الرحلة تستغرق بضع ساعات)، وسيسعد المتنزهون بمعرفة أن المناظر الطبيعية الصخرية لجبال الريف يمكن الوصول إليها بسهولة من هناك. يمكنك التنزه مشيًا خارج المدينة وفي الجبال أعلاه ، كما يمكنك اتباع مسار إلى قمة جبل القلب، حيث يتم الوصول إليه من خلال نزهةٍ مستديرةٍ لمدة ستّ إلى ثمان ساعاتٍ. يتيح لك صعود قمة الجبل منظرًا بانوراميًّا يصل إلى البحر الأبيض المتوسط وعبر إسبانيا وجبال
إذا كنت ترغب في زيادة المتعة والإثارة في رحلة شفشاون، فإن واحدة من أفضل مناطق المشي هي على بعد 45 دقيقة بالسيارة لتصل إلى مدينة "أقشور". تلك المدينة الصغيرة عبارة عن مجموعة صغيرة من المنازل على جدول، ومن هناك يمكنك المشي حتى تصل إلى شلالات أقشور، وهي سلسلة من حمامات السباحة الحالمة المحاطة بالنباتات المزهرة، هناك يستمتع السياح بالمشي لمسافات طويلة فوق منحدرات الغابة القريبة لنهر واد فاردا إلى تشكيل صخور ما يطلق عليه اسم " قنطرة ربّي" حيث تجد صخرة طبيعية منحوتة على شكل جسر يصل بين هضبتين جبليتين وعرتين.
ن الطبيعة الملونة لشفشاون تجعلها مكانًا ساحرًا ومبهجاً تتوق للعودة إليه في نهاية اليوم. وبعد التنزه ليس هناك أفضل من تناول كباب لحم الضأن وشرب شاي النعناع في الشوارع الجميلة للمدينة الزرقاء المغربية.
الآن أخبرنا هل زرت مدينة شفشاون من قبل ؟
5 أطعمة من الشوارع يجب على كل مسافر عربي تجربتها: تذوّق أشهى أطباق الرصيف في العالم
ياسمين
عاصمة مصر الإدارية الجديدة
اسماعيل العلوي
مدينة الرياض ...من أكثر المدن نموًا في العالم
إسلام المنشاوي
الصقر والنسر - ليسا نفس الكائن: أيهما ملك الطيور؟
عبد الله المقدسي
مايوركا بميزانية محدودة: نصائح سفر ميسورة التكلفة لتجربة لا تُنسى
عائشة
الجمال الجامح: التقاط المناظر الطبيعية البرية في منغوليا الداخلية
تسنيم علياء
6 دروس في القيادة من مارك زوكربيرج
شيماء محمود
لماذا يتصرف أطفالي جيدًا مع الآخرين ثم يتصرفون معي بشكل سيء؟
تسنيم علياء
التقاط سحر كانكون : استكشاف كنوز الجنة على ساحل المكسيك
تسنيم علياء
4 أسباب تجعل سويسرا وجهة سفر من الدرجة الأولى
ياسمين